الأربعاء، 30 مارس 2016

بحث بعنوان : الدعوى المدنية التبعية .

عنوان البحث : الدعوى المدنية التبعية


خطة البحث :


مقدمة :
إشكالية : ما مفھوم الدعوى المدنیة التبعیة ؟
المبحث الأول : مفھوم الدعوى المدنیة التبعیة .
     المطلب الأول : تعريف الدعوى المدنیة التبعیة .
           الفرع الأول : المقصود بالدعوى المدنیة تبعیة .
          الفرع الثاني : المقصود بتبعية الدعوى المدنية.
           الفرع الثالث: علاقة الدعوى المدنية بالدعوى العمومية.
 
     المطلب الثاني : موضوع الدعوى المدنیة التبعیة .
          الفرع الأول : التعويض النقدي .
          الفرع الثاني : التعويض العيني .
          الفرع الثالث : المصاريف القضائية  .

     المطلب الثالث : أطراف الدعوى المدنية التبعية .
          الفرع الأول : المضرور ( المدعي ) .
          الفرع الثاني : المدعى عليه .

المبحث الثاني : مباشرة الدعوى المدنیة التبعیة و انقضاءھا .

    المطلب الأول:  مباشرة الدعوى المدنية التبعية .
          الفرع الأول: العلة من منح الاختيار .
          الفرع الثاني: مجال الاختيار .

  المطلب الثاني:  كيفية رفع الدعوى المدنية أمام المحكمة الجزائية .
          الفرع الأول : الإدعاء بالحق المدني أمام قاضي التحقيق .
          الفرع الثاني : التدخل في الدعوى أمام المحكمة الجزائية  .
          الفرع الثالث : حالة التكليف المباشر بالحضور أمام المحكمة .

  المطلب الثالث:  انقضاء الدعوة المدنية التبعية .

الخاتمة :
قائمة المراجع :








      مقدمة :


        كما هو معلوم فأنه عند وقوع جریمة ما ، كالسرقة أو القتل أو غير ذلك من الأفعال التي جرمتها النصوص القانونية یترتب عنھا ضرر عام يمس حق المجتمع فتنشأ عن هذا الضرر، دعوى عمومیة التي تحركها النيابة العامة (التي تمثل المجتمع) تهدف إلى توقیع العقاب على مقترف الجریمة ، فالدعوى العمومیة ھي الوسیلة القانونیة لحمایة حقوق الجماعة ، وإلى جانب الضرر العام یترتب ضرر خاص یصیب الشخص المتضرر فینشأ له حقا في أن یطالب مقترف الجريمة بالتعویض عن الأضرار التي لحقته جراء الجریمة فتنشأ بذلك دعوى مدنية إلى جانب الدعوى العمومیة المحركة من طرف النيابة العامة ، الأصل فیھا أي ( الدعوى المدنية ) أن ترفع أمام القضاء المدني إلا أن طبیعتھا الخاصة أي منشأھا الواحد (من حيث الاختصاص )  حيث یختص القضاء الجنائي بالنظر في الدعوى المدنية التبعية نظرا لتبعيتها للدعوى العمومية ، وهذا ما دفعنا إلى طرح السؤال التالي :  ما مفهوم الدعوى المدنية التبعية ؟
    
      سنجيب على هذا السؤال من خلال مبحثين : ففي المبحث الأول تناولنا فيه مفهوم المدنية التبعية ، حيث تضمن تعريفها و موضوعها وأخير أطرافها ، وفي المبحث الثاني تطرقنا  فيه إلى مباشرة هذه الدعوى وانقضاءها  .








المبحث الاول : مفھوم الدعوى المدنیة التبعیة .
       إن الغرض من رفع الدعوى المدنية هو المطالبة بالتعويض من الذي تسبب في وقوع الأضرار ، وتكون هذه الدعوى مقترنة بالدعوى العمومية إذ يجب أن ترفع أمام القضاء الجنائي و إلاً انعدمت منها صفة التبعية .
المطلب الأول:  تعريف الدعوى المدنية التبعية .
   سنتناول في هذا المطلب ثلاثة فروع تبين لنا تعريف الدعوى المدنية التبعية بالتفصيل .
الفرع الأول : المقصود بالدعوى المدنية التبعية .
      تعرف الدعوى المدنية بأنها مطالبة من لَحقهُ ضرر من الجريمة و هو المدعي المدني ، من المتهم أو المسؤول عن الحقوق المدنية أمام القضاء الجنائي بجبر الضرر الذي أصابه نتيجة الجريمة التي ارتكبها فأضرت به ، و عليه فإن الدعوى المدنية الناشئة عن فعل غير إجرامي و كدالك بعض الدعاوى ذات المنشأ الإجرامي ، والتي لا يكون موضوعها التعويض عن الضرر غير مشمول بهذا التعريف ولا يمكن مباشرتها أمام القضاء الجنائي ، كدعوى التطليق الناشئة عن جريمة الزنا طبقا للمادة 339 من قانون العقوبات ،و دعوى الحرمان من الإرث الناتجة عن جريمة قتل المورث.طبقا للمادة 254 من نفس القانون ، والمادة 135 من قانون الأسرة ، ودعوى النفقة الناتجة عن جريمة إهمال الأسرة طبقا للمادة 330 من قانون العقوبات ، وهي جميعها دعاوى تتميز عن دعوى المطالبة بالتعويض بسبب ما لحق المدعي المدني المتضرر من أضرار نتيجة الجريمة ، و عليه فإن القضاء الجنائي يعتبر قضاء استثنائيا، يختص بنظر المسائل المدنية ، المتعلقة منها بمطالبة المتضرر من الجريمة أن  يعوضه المتهم بها عن الأضرار التي لحقته بسبب الجريمة  ، سواء كانت جناية أو جنحة أو مخالفة.
الفرع الثاني : المقصود بتبعية الدعوى المدنية .
     يقصد بتبعية الدعوى المدنية للدعوى العمومية ، المرفوعة أمام القضاء الجنائي ، بغرض الحصول على تعويض عن الأضرار التي تسببت فيها الجريمة ، هي تبعية الدعوى المدنية للدعوى العمومية أو الجنائية ، من حيث الإجراءات المتبعة بشأنها و من حيث مصيرها ، حيث تخضع الدعوى المدنية التبعية لقانون الإجراءات الجزائية و ليس لقانون الإجراءات المدنية, أي اختصاص القضاء الجنائي بنظر الدعوى المدنية التبعية, و سريان قواعد قانون الإجراءات الجزائية عليها،  و حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني متى رفعت دعوى للمطالبة بالتعويض بسبب ما لحق المدعي من ضرر بسبب جريمة صدر بشأنها مثل ذلك الحكم .
       أما تبعيتها من حيث المصير, فيعني أن الجهة الجزائية في حالة رفع دعويين جزائية و مدنية تبعية لها أمامها, يجب عليها الفصل في الدعويين معا بحكم واحد, و هذا يعني أن القاضي الجنائي يفصل في الدعوى المدنية التبعية حين فصله في  الدعوى العمومية ،إلا أن تبعية الدعوى المدنية للدعوى العمومية لا يفقدها طبيعتها الخاصة والمستقلة ، و هي أن يكون موضوعها هو المطالبة بحق مدني وهو التعويض ، جبرا للضرر عن طريق التعويض في صورة من الصور المقررة له ، وعليه تخضع الدعوى المدنية بتلك الصفة لقواعد  وأحكام خاصة بها  ، فمن حيث التقادم مثلا ,  فتنص المادة 10 من القانون الإجراءات الجزائية"تتقادم الدعوى المدنية وفق أحكام القانون المدني"و تنص المادة 133 من قانون المدني "تسقط دعوى التعويض بانقضاء خمسة عشر سنة من يوم وقوع الفعل الضار".
    ومن حيث التنازل عن المدني وتركه ، فيجوز للمدعي المدني المضرور من الجريمة التنازل عن حقه المدني في أي مرحلة كانت عليها الدعوى طبقا لنص المادة 246 من ق .إ.ج .  (1)

----------------------------------------------------------------
 (1)عبد لله أوھايبیة ، شرح قانون الإجراءات الجزائیة الجزائري ، التحري و التحقیق ، دارالھومة ، الجزائر، 2003،  ص 143-144-145-146-147-148 .


الفرع الثالث: علاقة الدعوى المدنية بالدعوى العمومية.
     لكل منهما مجال اختصاص فتبعية الدعوى المدنية للدعوى العمومية لا يفقدها طبيعتها الخاصة و هدا يعني أن تبعية الدعوى المدنية للدعوى العمومية لا يقصد بها أن تنقضي الدعويان معا لارتباط الأولى بالثانية إذ يمكن أن تنقضي الدعوى العمومية وحدها أمام القضاء الجنائي و تظل الدعوى المدنية قائمة أمامه فينضرها .
       و الدعوى المدنية تتميز عن الدعوى العمومية من حيث السبب و هو الضرر المترتب عن الجريمة و من حيث الموضوع و هو المطالبة بالتعويض عما لحق المدعي من ضرر و من حيث الأطراف و هم المدعى و المدعى عليه و ( المسئول عن الحقوق المدني ). (1)
المطلب الثاني : موضوع الدعوى المدني .
     موضوع الدعوى المدنية هو التعويض وقد أشارت إلى ذلك المادة 2 من قانون الإجراءات الجزائية , ويهدف التعويض إلى جبر الضرر المادي أو الجسماني أو الأدبي الناشئ عن الجريمة وهو ما أشارت إليه الفقرة الرابعة من المادة 3 من قانون الإجراءات الجزائية كما يلي : " تقبل دعوى المسؤولية المدنية عن كافة أوجه الضرر سواء كانت مادية أو جسمانية أو أدبية مادامت ناجمة الواقع موضوع الدعوى الجزائية " .
و إن التعويض يقصد به التعويض النقدي والتعويض العيني أو رد الشيء الذي فقده المتضرر من الجريمة وكذلك المصاريف القضائية والرسوم.
الفرع الأول : التعويض النقدي :
      ويقصد به أداء مقابل من النقود على سبيل التعويض عن الأضرار الناشئة عن الجريمة وإن تقدير التعويض النقدي يدخل ضمن السلطة التقديرية للقاضي دون أن يكون أكثر مما طلبه المدعي المدني و يخضع تقدير التعويض النقدي إلى أحكام المادتين 131 132 من القانون المدني وقد يكون مبلغا مقسطا أو إيرادا مرتبا كما أشارت إلى ذلك المادة 132 من القانون المدني .
الفرع الثاني التعويض العيني :
           ويقصد به إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل ارتكاب الجريمة برد الشيء الذي فقده المدعي بالحق المدني كرد الأشياء المسروقة إلى المدعي المدني في جريمة السرقة . ويمكن الحكم لفائدة المدعي المدني بالتعويض النقدي والتعويض العيني في نفس الوقت إذا ما كان ما ضبط من الأشياء المسروقة جزء منها فقط فيقضي بردها مع التعويض النقدي بما يعادل قيمة الجزء الباقي .
الفرع الثالث : المصاريف القضائية :
       ويقصد بها المصاريف و الرسوم التي تدفع إلى الخزينة العمومية في كل دعوى مقابل الفصل فيها وتشمل نفقات الخبراء والمعاينات وسماع الشهود ورسوم الخزينة وغيرها من المصاريف التي تنفقها الجهات القضائية للسير في الدعوى العمومية ذلك أن المادة 75 من قانون الإجراءات الجزائية تلزمه بإيداع قلم الكتاب مبلغا معينا يقدره قاضي التحقيق إذا لم يكن قد حصل على المساعدة القضائية والقاعدة العامة أن المصاريف القضائية تقع على عاتق المتهم إذا حكم بإدانته وهو ما أشارت إليه المادة 310 من قانون الإجراءات الجزائية وفي جميع الحالات تبقى المحكمة صاحبة الاختصاص في تقرير تحميل المتهم أو المدعي المدني المصاريف القضائية وهو ما أشارت إليه المادة 369 من قانون الإجراءات الجزائية . (2)
 المطلب الثاني : أطراف الدعوى المدنية التبعية
     إن أطراف الدعوى المدنية هما المضرور من الجريمة والمدعى عليه سواء كان هو الجاني أو المسؤول المدني .  
---------------------------------------------------------------
(1)                 أحمد شوقي الشلقاني ، مبادئ الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري،ج1، ديوان المطبوعات الجامعية ، ط/3 ،الجزائر،2003 ، ص 98
(2)                 محمد حزيط ، مذكرات في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري ، دار هومة ، ط/4 ، الجزائر ، 2009 ، ص 37 .

الفرع الأول :المضرور  (المدعي)
  إن كل شخص أصابه ضرر من الجريمة يحق له رفع الدعوى المدنية للمطالبة بجبر الضرر، ويشترط في المضرور ليحق له رفع الدعوى المدنية شرطان :
أولا : أن يكون ذا صفة
    إن الإدعاء المدني لا يتم في الأصل إلا  من طرف الشخص الذي أصابه ضرر شخصي من الجريمة . وغالبا ما يكون المضرور من جريمة هو المجني عليه إلا أنه في أحيان أخرى قد يصيب الضرر شخصا آخر غير المجني عليه . فمثلا يحق لأبناء المجني عليه في جريمة قتل  رفع الدعوى المدنية للمطالبة بالتعويض عن الضرر الشخصي الذي أصابهم نتيجة مقتل أبيهم . وعليه فلكي يحق للمضرور رفع الدعوى المدنية فإنه يجب أن يكون ذا صفة في رفعها ، وهذه الصفة تتمثل في إصابته بضرر شخصي من الجريمة ، ومن ثم  لا يستطيع الابن رفع الدعوى المدنية طالبا التعويض عن الأضرار التي أصابت أباه من جراء جريمة ذم لأنه في هذه الحالة لا يطالب بتعويض ضرر شخصي ، وإنما يطالب بحقوق والده . ويستوي أن يكون المضرور شخصا طبيعيا أو معنويا .
ثانيا : أن يكون ذا أهلية للتقاضي :
    إن المضرور من الجريمة أو الغير الذي انتقل إليه حق المطالبة بتعويض الضرر لا تقبل دعواه المدنية ما لم تتوافر فيه أهلية التقاضي طبقا لأحكام القانون المدني ، فإذا كان مثلا ناقص الأهلية أو عديمها فإن تقبل من وصية أو وليه .
الفرع الثاني : المدعى عليه :
   إن المدعى علية في الدعوى المدنية قد يكون المساهم في الجريمة أو الورثة أو المسؤول المدني .  
أولا : المساهم في الجريمة :
    ترفع الدعوى المدنية عن المساهم في الجريمة سواء كان فاعلا أصليا او شريكا ، وفي حالة تعدد المساهمين فإنهم يلتزمون بالتضامن أما إذا توفي المدعى عليه فإن الدعوى المدنية لا تسقط وإنما تباشر ضد الورثة لأن التعويض الضرر ينتقل إلى الورثة مع الذمة المالية للمورث ويلتزم الورثة بالتعويض في حدود التركة فإذا لم تكن هناك تركة فلا يلتزم الورثة بالتعويض ولا تختص المحكمة الجزائية بنظر الدعوى المدنية لأن هذه الأخيرة تابعة لدعوى عمومية وقد انقضت بوفاة المتهم .
ثانيا : المسؤول المدني :
    ترفع الدعوى المدنية للمطالبة بتعويض الضرر على المسؤول المدني عن المجرم . وبعبارة أخرى فإن الدعوى المدنية ترفع على أي شخص مسؤول عن مراقبة سلوك المتهم أو أي شخص ترتبط بالمتهم رابطة معينة مثل شركة التأمين . ويعتبر المسؤول المدني ملتزما بالتضامن مع مرتكب الجريمة بجميع الالتزامات المدنية ، ويتم الحكم بها طبقا لأحكام القانون المدني . فمثلا هناك قرينة عن خطأ صادر عن الآباء و أرباب العمل والمعلمين يدل على إهمالهم في مراقبة الأشخاص الذين هم تحت إشرافهم ولذلك يعتبرون مسؤولين عنهم من الناحية المدنية .
أهلية المدعى عليه :
    لكي ترفع الدعوى المدنية على المدعى عليه لابد أن يكون أهلا للتقاضي ، فإذا لم يكن متمتعا بهذه الأهلية وجب رفع الدعوى على وليه أو وصيه ، أما إذا رفعت عليه فإنها تكون غير مقبولة ، غير أنه إذا لم يكن هناك وصي أو ولي عليه فإن الدعوى ترفع ضده .(1)
------------------------------------------------------
(1)     بارش سليمان ، شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري ،ج1، دار الهدى ،الجزائر ،ص100-101-102 .


المبحث الثاني : مباشرة الدعوى المدنية التبعية و انقضاءها .
    سوف نتطرق في هذا المبحث إلى مباشرة الدعوى المدنية التبعية وكيفية رفعها أمام المحكمة الجزائية وفي الأخير انقضائها من خلال ثلاثة مطالب .
المطلب الأول : مباشرة الدعوى المدنية التبعية .
    الأصل أن الدعوى المدنية لا ترفع إلا أمام القضاء المدني ، إلا أن غالبية التشريعات تخول للمدعي المدني الحق في رفع الدعوى المدنية أمام القضاء الجزائي إذا كان سببها التعويض عن ضرر ناشئ عن جريمة . و إذا نظرنا إلى قانون الإجراءات الجزئية الجزائري  نلاحظ  أن المشرع أجاز رفع الدعوى المدنية أمام القضاء الجزائي مع الدعوى العمومية المادة 3 . أعطى المشرع للطرف المضرور الحق في رفع دعواه المدنية أمام القضاء المدني حث نصت المادة الرابعة بأنه ( يجوز أيضا مباشرة الدعوى المدنية منفصلة عن الدعوى العمومية ). وهذا ما يعبر عنه بحق المضرور في اختيار الطريق المدني أو الجزائي لرفع دعواه .
الفرع الأول : العلة من منح الاختيار .
    إن إعطاء المضرور الحق في رفع الدعوى المدنية أمام القضاء الجزائي له عدة مبررات . 
1- يكون أسهل للمضرور التدخل أثناء الخصومة الجنائية من مباشرة دعوى أخرى للمطالبة بحقه نتيجة ارتباط الدعويين ، كما أن القاضي الجنائي الذي ينظر الدعوى  المدنية يكون أكثر إحاطة بظروف الضرر الأمر الذي يمكنه من تقدير التعويض الملائمة للمضرور .
2- إن الطرف المضرور باختياره للطريق الجزائي يستفيد من الأدلة ثابتة لتقرير دعواه .
3- إن لجوء المضرور إلى القضاء الجزائي يترتب عليه تحريك الدعوى العمومية إذا لم تكن النيابة العامة قد حركتها .
الفرع الثاني : مجال الاختيار .
هناك حالات لا يجوز  فيها للمضرور اختيار الطريق الجزائي و إنما يجب عليه رفع الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية  وهذه الحالات هي :
1-     إذا لم تكن الدعوى العمومية مقبولة ، مثل وفاة المتهم أو صدور عفو شامل أو عدم وقوع الفعل تحت وصف جزائي .
2-     صدور حكم في الدعوى العمومية من محكمة مختصة .
3-     إذا المحكمة المختصة بنظر الدعوى العمومية محكمة استثنائية ، حيث أن القاعدة هي أن هذه المحكمة لا تكون مختصة للفصل في الدعوى المدنية الناتجة عن الجريمة التي تفصل فيها .
4-     إذا باشر المدعي دعواه المدنية أمام القضاء المدني وفصل هذا الأخير فيها فلا يجوز له الالتجاء بأي حال من الأحوال إلى القضاء الجزائي . (1) 
 المطلب الثاني : كيفية رفع الدعوى المدنية أمام المحكمة الجزائية .
   حدد قانون الإجراءات الجزائية ثلاثة طرق لإقامة الدعوى المدنية أمام القضاء الجزائي ، سنتناول هذه الطرق في ثلاثة فروع بحيث نجعل كل طريقة في فرع

-------------------------------------------------------
(1)بارش سليمان ، شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري ، مرجع سابق ، ص 103 – 104 .



الفرع الأول : الإدعاء بالحق المدني أمام قاضي التحقيق .
    في هذا الفرض  يحدث تداخل في الدعوى العمومية بواسطة الإدعاء المباشر أمام قاضي التحقيق إذا لم تكن الدعوى العمومية معروضة عليه. ويتم الإدعاء المباشر بواسطة شكوى إلى  قاضي التحقيق .
    وإذا كانت الدعوى العمومية معرضة على قاضي التحقيق فإنه يجوز الدعاء أمامه بالحق المدني .(1)
   ويمكن القول بأن الإدعاء بالحق المدني أمام قاضي التحقيق هو الطريق المنصوص عليه بالمادة 72 من ق إج ج ج وكذلك المادة 74 من نفس القانون أي أن الإدعاء المدني أمام قاضي التحقيق إما أن يكون من الطرف المتضرر من الجريمة باعتباره كطرف محرك  للدعوى العمومية إذا ما كان هو من بادر بالتقدم بالشكوى المصحوبة بادعاء المدني أمام قاضي التحقيق وفقا لأحكام المادة 72 من ق إج ج ج وإما أن يكون تحريك الدعوى العمومية سواء حصل تحريكها من النيابة العامة أو من مدعي مدني آخر وذلك وفقا لأحكام المادة 74 من ق إج ج ج . (2)
الفرع الثاني : التدخل في الدعوى أمام المحكمة الجزائية  .
   الفرض في هذه الحالة أن النيابة العامة قد حركت الدعوى العمومية ورفعتها إلى المحكمة المختصة وفي هذه الحالة يحق للمضرور التدخل أثناء الجلسة أو قبل الجلسة .
أولا : التدخل قبل الجلسة :
   وقد أشارت إليه المادة 241 بقولها " إذا حصل إدعاء مدني قبل الجلسة فيتعين أن يحدد تقرير المدعي المدني الجريمة موضوع المتابعة و أن يتضمن تعيين موطن مختار بدائرة الجهة القضائية المنظورة أمامها الدعوى ما لم يكن المدعي المدني متوطنا بتلك الجهة " .
ثانيا : التدخل أثناء الجلسة .
    قد أشارت إليه المادة 242 بقولها " إذا حصل التقرير بالإدعاء المدني بالجلسة فيتعين إبداؤه قبل أن تبدي النيابة طلباتها في الموضوع و إلا كان غير مقبول " .(3)






-----------------------------------------------------
  (1)بارش سليمان ، شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري ، مرجع سابق ، ص 108 .
 (2)محمد حزيط ، مذكرات في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري ، مرجع سابق ، ص 42 .
   (3)بارش سليمان ، شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري ، مرجع سابق ، ص 109 .
الفرع الثالث :حالة التكليف المباشر بالحضور أمام المحكمة .
   وهي الطريقة المنصوص عليها بالمادة 337 مكررة من ق إج ج ج التي بموجبها يجوز للمتضرر من الجريمة أن يكلف مباشر المتهم للمثول أمام محكمة الجنح في الجرائم التالية : ترك الأسرة ،عدم تسليم الطفل  ، انتهاك حرمة منزل ، القذف ، إصدار شيك بدون رصيد .(1)
  وقد حددت هذه المادة إجراءات التكليف المباشر بالحضور والتي تتم بواسطة عريضة  تتضمن هوية المتهم و الوقائع المنسوبة إليه والمستندات  وتكون مرفوقة بطلب للسيد وكيل الجمهورية الذي يجدول القضية بعد تحديد المصاريف الواجب دفعها من طرف الطالب . (2)
المطلب الثالث: انقضاء الدعوة المدنية التبعية .
      يضع قانون الإجراءات الجزائية قاعدة عامة تحكم انقضاء الدعوى المدنية التبعية بخضوعها لأحكام وقواعد القانون المدني رغم ما تتميز به من تبعية للدعوى العمومية فتنص المادة 10 من قانون الإجراءات المدنية  " تتقادم الدعوى المدنية وفق أحكام القانون المدني ".
ومن حيث التنازل عن الحق وتركه فيجوز للمدعي المدني المضرور من الجريمة التنازل عن حقه المدني في أي مرحلة كانت عليها الدعوى  .
      وعليه فإن أحكام انقضاء الحكم المدني تطبق على الدعوة المدنية التبعية فمثلا تتقادم بمضي 15 سنة ودلك ما نصت عليه (المادة 133 من القانون المدني .) (3) .











----------------------------------------------

(1)     محمد حزيط ، مذكرات في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري ، مرجع سابق ، ص . 43
(2)     بارش سليمان ، شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري ، مرجع سابق ، ص 108 .
(3)     أحمد شوقي الشلقاني ، مبادئ الإجراءات الجزائیة في التشریع الجزائري ،مرجع سابق ، ص 181 .






خاتمة :



    في الأخير يمكن القول عند حدوث  جريمة  بأركانھا الثلاثة الشرعي ،  المادي و المعنوي تتحرك معھا الدعوى العمومیة ، و لمَا كان من الثابت أن الدعوى العمومیة غیر متنازل كان من الواجب تسليط العقاب على مقترف الجريمة ، و تكون  الدعوى المدنیة التبعیة ملازمة للدعوى العمومیة و تدخل ضمن اختصاص القضاء الجنائي فھذه التبعیة ھي التي تبرر اختصاص المحاكم الجزائیة للفصل في الدعوى المدنیة ، إلا انه قد ترفض الدعوى المدنیة التبعیة من قبل قاضي التحقیق أو أن تحفظ الدعوى العمومیة و بالتالي تحفظ معھا الدعوى المدنیة التبعیة ، إلا أن الدعوى المدنیة لو أقیمت أمام القضاء المدني فان القاضي المدني ملزم بالفضل بالدعوى و إلا توبع بجریمة إنكار العدالة.



















قائمة المراجع :
1-    عبد لله أوھايبیة ، شرح قانون الإجراءات الجزائیة الجزائري ، التحري و التحقیق ، دارالھومة ، الجزائر، 2003 .
2-    أحمد شوقي الشلقاني ،  مبادئ الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري،ج1، ديوان المطبوعات الجامعية ، ط/3 ،الجزائر،2003 .
3-    محمد حزيط ، مذكرات في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري ، دار هومة ، ط/4 ، الجزائر ، 2009 .
4-    بارش سليمان ، شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري ،ج1، دار الهدى ،الجزائر .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق