الأربعاء، 23 مارس 2016

نشوء الدستور وانواعه

                    السلام عليكم  ورحمة الله و بركاته أقدم إلى سيادتكم بحث حول نشوء الدستور وانواعه




               
بحث حول نشوء الدستور وأنواعه .


خطة البحث  :


مقدمة :    
 
  إشكالية : كيف يرتبط نشوء الدستور بالشكل العام للدولة ؟

المبحث الأول : الإطارالتاريخي لنشوء الدستور .
    المطلب الأول : بدايات ظهور الدستور .
    المطلب الثاني : أساليب إنشاء الدستور .    
المبحث الثاني : أنواع الدساتير .
    المطلب الأول : أنواع الدساتير من حيث الشكل .  
    المطلب الثاني : أنواع الدساتير من حيث التعديل .

خاتمة :






مقدمة :


     الدستور في الوقت الحالي يشكّل القواعد الأساسية في الدولة ، فهو يبيّن شكل الدولة، ونظام الحكم فيها، وتنظيم السلطات العامة ، ويقرّر حقوق الإنسان وحرياته، ويضع الضمانات الأساسية لحماية هذه الحقوق وتلك الحريات وكفالة استعمالها وعدم التعدي عليها، لكن في القديم ساد النظام الملكي في أغلب دول العالم فعانى الناس من الاضطهاد وظلم و تعسف الملوك وهذا ما أدى  ازدياد  وعي الأفراد ، فقامت ثورات ضد هذه الأنظمة الجائرة ، و لوضع حدود للسلطة و ضمان حقوق الأفراد وضعت وثيقة المسماة دستور. و ما يهمنا هو نشوء و أنواع هذا الدستور ، وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل التالي :  كيف يرتبط نشوء الدستور بالشكل العام للدولة ؟




المبحث الأول: الإطار التاريخي لنشوء  الدستور.
  
     المطلب الأول: بدايات ظهور الدستور.

        يرى البعض بأن الحركة الدستورية أو أول بداية لظهور الدستور تعود إلى القرن الثالث عشر     و بالتحديد سنة 1215 عندما منح الملك جون ستير الميثاق الأعظم للنبلاء الإنجليز الثائرين عليه لكن يؤكد آخرين بأن تاريخ ظهور الحركة الدستورية الأولى بدأت تظهر معالمها في القرن السابع عشر عندما وضع الجناح المؤيد للكروم ويل في المجلس العسكري دستورا.... وإذا كان المفكرون غير المسلمين معهم الكثير من المسلمين يقرون بأن دستور المكتوب  الأول ظهر في الولايات المتحدة الأمريكية فالحقيقة غير ذلك فالدستور المكتوب الأول هو تلك الوثيقة التي أعدها الرسول صلى الله عليه وسلم لتنظيم أحوال الدولة المدينة بعد أن إنتقل إليها من مكة (1) .
أما أول الدساتير المكتوبة ظهرت في المستعمرات البريطانية بأمريكا الشمالية كرد فعل للانفصال عن إنكلترا، فأول دستور عرفه العالم الغربي في ولاية فرجينيا دستور جوان 1776، وقد سابقه الإعلان للحقوق الذي يعتبر القاعدة الأساسية لأي حكومة في فرجينيا، ثم تلى ذلك في عام 1781 صدور دستور الاتحادالتعاهدي، وفي عام 1787 صدر الدستور الاتحادي للولايات المتحدة الأمريكية. فالمثل الأمريكي كان سببا لاقتداء العديد من الدول به كفرنسا مثلا، عرفت أول دستور مكتوب عام 1791، وقد سبقها قبل ذلك إعلان حقوق الإنسان والمواطن الذي صدقت عليه الجمعية الوطنية في أوت 1789. فصدر دستور السويد سنة 1809، والنرويج وبلجيكا سنة 1831، وعلى إثر الحرب العالمية الأولى، زاد انتشار الدساتير المكتوبة كنتيجة منطقية للحد من التعسف في استعمال السلطة فصدر دستور روسيا يوم 10 يوليو 1918، فدستور تركيا 1924ودستور النمسا 1 أكتوبر 1920 (2) .












-----------------------------------------
(1) سعيد بو الشعير، القانون الدستوري و النظم السياسية ج1 ، ديوان المطبوعات الجامعية ، ط/8 الجزائر ، ص 164-165 . 
(2) فوزي أوصديق،الوافي في شرح القانون الدستوري. ديوان المطبوعات الجامعية، ج2، ط/1، الجزائر: 1994، ص40 .

 



 المطلب الثاني : أساليب إنشاء الدستور.
عند الحديث عن كيفية نشأة الدساتير يكون المقصود هو كيفية نشأة الدساتير المدونة أي المكتوبة في وثيقة معينة و ليس الدساتير العرفية أي التي تنشأ عن طريق العرف الذي تقرر بإتباع عادات دستورية تصبح في وجدان الجماعة مع مرور الوقت ملزمة دون أن تكون مدونة في وثيقة ما. (3).
تتوقف نشأة الدساتير على نظام الحكم السائد في الدولة أثناء وضع الدستور (4).
و قد درج الفقه الدستوري على تقسيم أساليب نشأة الدساتير وفقا لتطور الأحداث التاريخية إلى أسلوبين رئيسيين : أولهما أسلوب غير ديمقراطي وه الأسلوب الذي تسود فيه إرادة الحكام في وضع أو إنشاء الدستور.سواء نشأ هذا الدستور بإرادتهم المنفردة في صورة منحة صادرة منهم للشعب. أم تلاقت فيه إرادة هؤلاء الحكام مع إرادة الهيئات النيابية الممثلة للشعب في صورة عقد تم بين هاتين الإرادتين و ثانيهما أسلوب الديمقراطي يعبر عن انتصار إرادة الشعوب و انتقال السيادة من الحاكم إلى الأمة أو الشعب الذي أصبح وحده صاحب السيادة في الدولة حيث يتم وضع الدستور إما من قبل هيئة منتخبة من الشعب يطلق عليها اسم الجمعية التأسيسية أو بواسطة الاستفتاء التأسيسي بأن يتم طرح مشروع الدستور على الشعب في استفتاء عام لأخذ موافقته عليه. (5)
الفرع الأول : أساليب غير الديمقراطية لنشأة الدساتير.
يطلق جانب من الفقه على هذه الأساليب غير الديمقراطية اسم الأساليب أو الطرق الملكية نظرا لأن الالتجاء إلى هذه الأساليب يحدث عادة في ظل الأنظمة الملكية . (6)
01 : أسلوب المنحة.
يمثل هذا الأسلوب في ضع الدساتير بادية الانتقال من نظام الملكية المطلقة إلى الملكية المقيدة (7) .في هذه الحالة يقوم الحاكم بإصدار الدستور كهبة أو منحة منه إلى شعبه فالحاكم هذا بوصفه صاحب السيادة في الدولة يكون قد تنازل عن جزء من سيادته إلى الشعب وبذلك يصدر الدستور بدون مناقشة من قبل الشعب أو ممثليه و يعتبر نافذا بمجرد صدوره عن الحاكم (8) غير أن الوقائع التاريخية تؤكد أن الدستور
------------------------------------------------------------
(3) حسن مصطفى البحري ، القانون الدستوري ، النظرية العامة منشورة ، دمشق 2009 ،  ص 141.
(4) عمر حوري ، القانون الدستوري ،منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت ، ص25 .
(5) سعيد بو الشعير، نفس المرجع ، ص 173 .
(6) حسن مصطفى البحري ، نفس المرجع ، ص 135 .
(7) حسن مصطفى البحري ،  نفس المرجع ، ص 140 .
(8) ) عمر حوري، نفس المرجع  ، ص 25 .





الذي يصدر وفقا  الأسلوب المنحة لئن كان يعتبر من الناحية القانونية البحتة من صنع الحاكم وحده ووليد إرادته المنفردة باعتبار أن من يمنح هو من يملك ومن يملك هو صاحب السيادة إلا أن الحاكم لا يمنح عادة
إلا تحت ضغط و تهديد ولا يتنازل عن بعض سلطاته بمحض إرادته .فيندر أن يقدم التاريخ مثالا لحاكم مطلق تنازل عن بعض سلطاته بمحض اختياره  وإنما الذي يحدث عادة أن الحكام يمنحون الشعب دستورا تحت الضغط الظروف السياسية و لتفادي الاضطرابات الشعبية.
و الحركات الثورية فينزلون عند إرادة الشعب مكرهين. فالمنحة إذن هي وسيلة ينقد بها الملك أو الحاكم
كبريائه و يغطي بستارها مبدأ الحق الإلهي للملوك لأنها تبدو في ظاهرها وليدة الإرادة الحرة للملك مما
لا يمس بسيادته (9) .وقد ثار التساؤل عن  مدى جواز لجوء الحاكم إلى سحب الدستور أو استرداده بعد أن أصدره عن طريق المنحة. ذهب جانب من الفقه إلى القول بحق الحاكم باسترداد الدستور في أي وقت يشاء إلا إذا كان قد تنازل صراحة عن هذا الحق وهذا الجانب من الفقه يبني رأيه على مبدأ من يملك المنح يملك الاسترداد وهو ما يعرف بقاعدة توازي أو تقابل الاشكال في مجال القانون.أما الرأي الغالب في الفقه فيرى عكس الرأي السابق وينكر بالتالي على الحاكم الحق في سحب الدستور بعد منحه لشعبه لقد بنى هذا الجانب من الفقه رأيه بتعلق حق الشعب بالدستور الممنوح له بمجرد صدوره فطبقا لهذا الرأي يكون الحاكم قد أعاد بمنح شعبه دستور حقا كان قد سب أصلا من الشعب و بالتالي فهو ليس له أن يعيد سلب الشعب مه ملكه في الأساس.
و يضيف أصحاب هذا الرأي كما و أن أسلوب منح الدستور من قبل الحاكم لشعبه هو تصرف بإرادة منفردة ولا يحق لمن قام بتصرف منفرد الرجوع عن تصرفه وبالتالي ليس للحاكم في هكذا حالت الرجوع عن الدستور الذي تم منحه للشعب (10) . و من أمثلة الدساتير التي قامت بهذا الأسلوب:دستور الفرنسي 1814 و الدستور الروسي 1906 ودستور إمارة موناكو 1911  (11) .
02 : أسلوب العقد .
في هذا الأسلوب لا ينفرد الملك أو الحاكم بممارسة السلطة التأسيسية الأصليه التي تملك صلاحية وضع الدستور و إنما يشاركه فيها الشعب ولذا يصدر الدستور وفقا لهذه الطريقة بمقتضى إتفاق أو عقد يتم بين الملك و الشعب و قد ظهر هذا الأسلوب في مرحلة التوازن بين قوة الملك التي ضعفت ولكنها لم تضمحل وقوة الشعب التي تعاظمت و لكنها لم تسيطر تمام ويسجل هذا الأسلوب خطوة إلى الأمام في الطريق نحو الديمقراطية فالدستور وفقا لهذا الأسلوب لايصدر بإرادة المنفردة للحاكم وإنما بواسطة عمل مشترك بين الحاكم و الهيئات النيابية الممثلة للشعب بحيث تتفق إرادتهما على ذلك ولما كان العقد وفقا للقاعدة الثابتة شريعة المتقاعدين لا يجوز نقضه أو إلغائه أو تعديله  إلا بإرادة طرفيه فالدستور الذي يوضع بأسلوب العقد لا يمكن إلغاؤه أو سحبه أو تعديله إلا باتفاق إرادة الطرفين المتعاقدين و من أمثلة
------------------------------------------------------------
(9) حسن مصطفى ،  البحري نفس المرجع ، ص141- 142 .
(10) عمر حوري ، نفس المرجع ، ص 30- 31 .
(11) فوزي أوصديق ، نفس المرجع ، ص 48.

5


الدساتير التي قامت بهذا الأسلوب دستور الفرنسي 1830 دستور العراقي 1925 ودستور الكويت 1962 و دستور لبنان 1926 (12) .
الفرع الثاني : أساليب الديمقراطية.
 سبق و رأينا أن أسلوب غير الديمقراطي لنشأة الدساتير يقوم على تفرد الحاكم بوضع الدستور كما يقوم على مبدأ مشاركة  الحاكم مع الشعب في هذه العملية أم أساليب الديمقراطية لنشأة الدساتير فهي تمثل مرحلة تطور أبعد من فكرة المشاركة بين الحاكم و شعب فوفقا لهذه الأساليب لم يعد للحاكم صاحب السيادة وحده أو بالإشراك مع شعبه بل أصبح الشعب وحده صاحب السيادة ومصدر جميع السلطات.
01 : أسلوب الجمعية التأسيسية .
 طبقا لهذا الأسلوب يقوم الشعب بانتخاب هيئة نيابية يطلق عليها اسم الجمعية التأسيسية أو المجلس الـتأسيسي و تكون مهمتها وضع دستور جديد للبلاد و بموجب هذا الأسلوب في إنشاء الدساتير يصبح الدستور نافدا منذ تاريخ إقراره من قبل هذه الجمعية التأسيسية دون أن يستتبع ذلك أية إجراءات أخرى ودون أن يتوقف هذا الإقرار و بالتالي نفاذ الدستور على موافقة أية جهة أخرى بما في ذلك الشعب نفسه ويرى البعض أن هذا الأسلوب في نشأة الدساتير هو في واقعه تطبيقا للديمقراطية غير المباشرة أي أن الشعب و هو صاحب السلطة و السيادة في الدولة يقوم بانتخاب ممثلين عنه ويوكل إليهم مهمة وضع دستور للبلاد فللجمعية التأسيسية إذن وحدها حصرا مهمة وضع الدستور في البلاد وهي بالتالي تزول بإتمام هذه المهمة أي بإقرار الدستور و إصداره وليس لها بعد إتمام هذه المهمة أن تتحول إلى سلطة تشريعية إلا إذا سمح لها الدستور بذلك صراحة أما دور الشعب في هذا الخصوص فينحصر  بانتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية فقط و هو لا يتدخل في وضع الدستور أو مناقشة مواده وبنوده أو إقراره (13)  و من أمثلة الدساتير التي قامت بهذا الأسلوب دستور الاتحادي للولايات المتحدة الأمريكية 1787 دساتير فرنسا 1848 و 1875 و دستور باكستان 1956 و الدستور الألماني 1946 (14).
02 : أسلوب الاستفتاء الدستوري .
 على عكس أسلوب الجمعية التأسيسية في إنشاء الدساتير و الذي صنف على أنه تعبير عن الديمقراطية غير المباشرة يعتبر أسلوب الاستفتاء الشعبي تعبيرا صريحا عن الديمقراطية المباشرة فالشعب طبقا لهذا الأسلوب لا ينتخب ممثلين عنه و إنما يقوم هو بنفسه بإقرار الدستور الذي لا يصبح نافذا إلا من تاريخ موافقة الشعب عليه وبحسب هذا الأسلوب في إنشاء الدساتير يتم وضع الدستور من قبل هيئة ويتم

  (12) فوزي أوصديق ، نفس المرجع ، ص50
(13) ر عمر حوري  ، نفس المرجع ، ص35
(14) فوزي ، أوصديق ، نفس المرجع ، ص51





عرضه على الشعب للموافقة أو الرفض وهذه الهيئة قد تكون جمعية منتخبة من قبل الشعب أو لجنة فنية وبغض النظر عن شكل هذه الهيئة وطريقة تكوينها فإن الدستور لا يكتسب قوته الملزمة و بالتالي لا يصبح نافذا غلا من تاريخ موافقة الشعب عليه (15) .و من أمثلة الدساتير التي قامت بهذا الأسلوب دستور المصري 1956 ودستور فرنسا 1985 (16) .
















------------------------------------------------------------
 (15) عمر حوري ، نفس المرجع ،  ص 38.
(16) فوزي أوصديق ، نفس المرجع ، ص 53.



المبحث الثاني : أنواع الدساتير .

   أنواع الدساتير أربعة وهي دساتير مكتوبة ،عرفية ، جامدة ، مرنة ونستطيع أن نقسمها إلى قسمين فمن حيث الشكل نجد أن هناك دساتير مكتوبة ، ودساتير غير مكتوبة ( عرفية ) ومن حيث التعديل نجد أن هناك دساتير جامدة ، و دساتير مرنة .

 المطلب الأول : أنواع الدساتير من حيث الشكل .

     أي الدساتير المكتوبة والعرفية .

   الفرع الأول : الدساتير المدونة ( المكتوبة ) .

    المقصود بالتدوين هو جمع تسجيل القواعد الدستورية في وثيقة أو أكثر رسمية  من طرف سلطة مختصة وفقا لإجراءات متميزة عادة ما يضفي على الوثيق طابعا خاصا يجعل  من القواعد الواردة  فيها تحتل صدارة  هرم النظام القانوني للدولة .
    بدأت الدساتير المدونة في الظهور خلال القرن الثامن عشر وخاصة منذ سنة 1776 .على أثر          استقلال المستعمرات البريطانية في أمريكا الشمالية ثم بدستور الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1787 . (17)
 و بعبارة أخرى الدستور المكتوب هو الذي تكون أغلب أحكامه الأساسية المتصلة بنظام الحكم مدونة في وثيقة أو عدَة وثائق ومن أمثلة الدساتير المكتوبة كما ذكرنا دساتير الولايات المتحدة الأمريكية التي وضعت 1776 ، والدستور الأمريكي الفدرالي الذي أقر في المؤتمر فيلادلفيا لسنة 1787 ثم بدأ العمل به  سنة 1787 ، وسرعان ما انتشرت بعده ظاهرة الدساتير المكتوبة في أوروبا كالدستور الفرنسي لسنة 1791 وبقية الدساتير التي جاءت بعده .
كما أصبحت الدساتير المكتوبة أهم مطلب للحركات الثورية خلال القرن 19 وبين 1809 و 1880 صدر أكثر من 300 دستور مكتوب. (18)
وباختصار الدستور المكتوب هو الذي يضم أغلب الأحكام الأساسية المنظمة لشكل الدولة ، نظام الحكم ، السلطات والحريات ضمن أو عدَة وثائق . (19)
وإنَ للدساتير المدونة مزايا و عيوب حيث تمتاز بما يلي :
- الوضوح و التحديد.
- تساهم في التربية السياسية لأفراد المجتمع ، فيسهل على أي فرد الرجوع إلى الدستور المكتوب لمعرفة حقوقه  و واجباته وكذلك لمعرفة تشكيل الهيئات الحاكمة و اختصاص كل منها و العلاقة بينها .
- أنها ضمانة ضد الاستبداد لأَنَ الحاكم سيتردد كثيرا قبل الخروج على الأحكام المقررَة في الدستور .
أما بالنسبة للعيوب فهي تتمثل في أنَها :
- قد تصاب بالجمود و بالتالي لا تسايِر التطور ، وتحت الإلحاح الشديد للظروف ، و إذا لم تعدل في الوقت اللازم قد تتم محاولة تغييرها بالعنف .
- إنَ واضعي الدستور قد يكونون تحت تأثير ظرف  السائدة مما يؤدي إلى اعتماد أحكام في الدستور قد لا تتماشى مع مصلحة البلاد . (20)
------------------------------------------------------------
 (17) الأمين شريط ، الوجيز في القانون الدستوري والمؤسسات السياسية المقارنة ، ط/5 ،ديوان المطبوعات الجامعية  ، الجزائر 2003 .،ص 112-113
(18) حسني  بوديار ، الوجيز في القانون الدستوري ، دار العلوم ،الجزائر 2003 ، ص 85 .
(19) أحمد أولاد سعيد ، القانون الدستوري ، ط /1 ، دار صبحي للطباعة و النشر ، الجزائر 2013 .،ص 74 .
 (20) حسني بوديار ، المرجع نفسه ،ص 85-86 .










  الفرع الثاني : الدساتير العرفي  ( الغير مكتوبة ) .

   الدستور العرفي هو الدستور الذي لم تدون أغلب أحكامه الأساسية في وثيقة أو وثائق معينة، بل هو عبارة عن مجموعة من الأعراف والسوابق والتفسيرات القضائية الناتجة عن التطور التدريجي للدولة ، ومن أمثلة الدساتير العرفية  وهي قليلة جدا  مثلا دستور بريطانيا (21)
و الدستور غير المدون (العرفي): هو عبارة عن سلوكيات تتعلق بالسلطة وممارستها وكل ما يلحق بذلك من أعراف وتقاليد ومبادئ عامة أو قيم أخلاقية تتبلور تدريجيا عبر الزمن حتى تصبح مشكلة لدستور عرفي . كل هذا لا يمنع وجود بعض النصوص المكتوبة الخاصة بموضوعات معينة  أو بعض الأحكام القضائية ، غير أنَ هذه النصوص المكتوبة لا تشكل دستورا مكتوبا مادامت أغلب و أهم القواعد الدستورية غير مدونة . (22)
  و تمتاز الدساتير العرفية بأنها مرنة وهذا ما يجعلها ملائمة للظروف المتغيرة لأنَها سهلة التعديل في الأزمات و فترات الانتقال .
  و ما يعاب عليها أنَها غير ملائمة للأنظمة الديمقراطية على حد قول البعض لأنَ النظم الديمقراطية يجب أن تقوم على أسس مكتوبة و واضحة .
   وأنَها تعطي صلاحيات واسعة للقضاء لاكتشاف الأسس الدستورية من العادات و القوانين  . (23)

------------------------------------------------------------
 (21) حسني بوديار ، المرجع نفسه ،ص 86
(22) الأمين شريط ، المرجع نفسه ،ص 112
(23) حسني بوديار ، المرجع نفسه ،ص 86-87


  المطلب الثاني : أنواع الدساتير من حيث التعديل .

  الفرع الأول : الدساتير الجامدة .

    إن الدستور الجامد هو الدستور الذي يتطلب تعديله إجراءات تختلف عن الإجراءات التي يعدل بها القانون العادي.
وقد يتمثل هذا الاختلاف في الهيئة التي تملك الحق في التعديل ,أو الإجراءات التي يتم التعديل وفقها , كاشتراط اجتماع مجلسي البرلمان في هيئة مؤتمر , أو اشتراط توافر الأغلبية الثلثين بدلا من الغالبية المطلقة , أو إحالة النص المقترح على الاستفتاء الشعبي  .
   ومتى كان الدستور جامدا فإن صفة الجمود هذه تنصرف إلى كل النصوص الموجودة في الدستور حتى ولو كانت متعلقة بمسائل غير دستورية ( مسائل لا تتعلق بنظام الحكم ).
كذلك يمتد الجمود إلى القوانين التي يحيل إليها الدستور باعتبارها قوانين دستورية.وعلى العكس من ذلك لا يمتد الجمود إلى القواعد الدستورية التي تضمنتها قوانين عادية إذا لم توصف بأنها دستورية. (24)
إذن الدستور يكون الدستور جامدا إذا كان تعديله يتطلب إجراءات أصعب وأكثر تعقيدا من تلك المتبعة في تعديل القانون , وعادة ما ينص الدستور عليها . وهذا الجمود قد يتفاوت في الدرجة بحسب رغبة المشروع الدستوري في المحافظة على الاستقرار للدستور.
ومن هنا تنبع فكرة السمو الشكلي للدستور مما يجعل قواعد تتمتع بحصانة تجاه السلطة التشريعية والتي لا يكون لها الحق بتعديل أو بإلغاء نصوص الدستور .
وتعتبر أكثر الدساتير في وقتنا هذا دساتير في دساتير جامدة مثل الدستوري الفرنسي سنة 1958 والدستور المصري الصدر سنة 1971 والدستور اللبناني الصادرة سنة 1926 .
وبالرغم من أن أكثر الدساتير المدونة جامدة في نفس الوقت , إلا أنه ليس هناك تلازم حتمي بين التدوين والجمود. فقد توجد دساتير مدونة ومرنة في نفس الوقت.
وهذا الجمود الذي يقوم في أساسه على رغبة تحقيق الثبات و الاستقرار للقواعد الدستورية يتمثل في مدى صعوبة وتعقيد عملية تعديل النصوص الدستورية أو حتى إلغاء هذه النصوص.  إذ كلما زادت هذه الإجراءات صعوبة وتعقيدا, تكون هذه النصوص أكثر جمودا.ولكن يبقى التساؤل حول ما إذا كانت إرادة الدولة تسعى إلى تحقيق ثبات مطلق عن طريق إقرار منع تعديل الدستور أو بعض ومواده . (25)
والجمود ينقسم إلى قسمين قد يكون الجمود مطلقا وقد يكون نسبيا على النحو التالي :     
  قد يكون مطلقا لفترة معينة مثل الدستور الفرنسي لسنة 1791 الذي حظر المساس بأحكامه لفترتين تشريعيتين ,والدستور المصري لسنة 1930 الذي حظر المساس به لمدة 5 سنوات , و الدستور الأمريكي الذي حظر تعديل بعض أحكامه قبل سنة 1808 و الدستور الفرنسي لسنة 1946 الذي حظر تعديله طالما أن قوات أجنبية كانت تحتل إقليم الدولة أو جزءا منه . والحكمة من هذا الحظر الزمني كما يسميه البعض هو من أجل حماية الدستور لفترة معينة من الزمن.
      وقد يكون الجمود الدستور  نسبيا في مجموعه ، ولكنه يحظر المساس ببعض أحكامه بصف مطلقة باعتبارها مبادئ أساسية ، ومن بين هذه الدساتير –  دستور الجزائر لسنة 1996 حيث نصت مادته 178 على أنَه : لا يمكن أيّ تعديل دستوري أن يمسّ :
         1 - الطّابع الجمهوري للدّولة،
         2 - النظام الدّيمقراطي القائم على التعدّدية الحزبية،
         3 - الإسلام باعتباره دين الدّولة،
         4 - العربية باعتبارها اللّغة الوطنية والرّسميّة،
         5 - الحرّيات الأساسية وحقوق الإنسان والمواطن،
         6 - سلامة التراب الوطني ووحدته.
وكذلك دستور فرنسا لسنة 1865 الذي يمنع المساس بالنظام الجمهوري ، وكذلك دستور تونس لسنة 1956 .
   وتمتاز الدساتير الجامدة  بالثبات و الاستقرار لأنَ الجمود يجعلها بمنأى عن أهواء الأغلبية الحزبية في البرلمان كذلك الجمود لها قدسية و احتراما اعمق في نفوس الأفراد . وما يعاب عليها أنَ جمودها قد لا يجعلها مسايرة للتطور ، ويؤدي بالتالي إلى محاولة تغييرها بطرق غير مشروعة . (26)
 (24) حسني بوديار، المرجع نفسه ، ص 88 .
(25) عمر حوري ، نفس المرجع ، ص 51 .
(26) حسني بوديار ، المرجع نفسه ، ص 88-89 .    

الفرع الثاني : الدساتير المرنة .

   الدستور المرن هو الدستور الذي يمكن تعديله بواسطة السلطة التشريعية أي بنفس طر يقة تعديل القوانين العادية دون ما حاجة إلي إجراءات خاصة.وبالتالي فإن المرونة تستتبع اختفاء التفرقة الشكلية بين الدستور والقانون , فهو من هذا المنطلق يساوي القانون العادي .
   تعتبر الدساتير الأكثر مرونة هي الدساتير العرفية ,ويعتبر في هدا الخصوص الدستور الإنكليزي أبرز الأمثلة . فهدا الدستور العرفي يمكن تعديله بإقرار أعراف جديدة تستبدل السابقة عليها , هدا من جهة . ومن جهة أخرى , يمكن للبرلمان الإنجليزي إصدار قانون جديد يعدل بموجبه القواعد الدستورية بغض النظر عما إذا كانت عرفية أم مكتوبة , وفي هده الحالة نكون أمام قانون عادي صادر عن البرلمان وعنده القدرة على تعديل دستور البلاد.
وبرغم من أن أغلب الدساتير العرفية مرنة , إلا أن صفة المرونة هده ليست لصيقة حصرا بالدساتير العرفية . فقد يوجد دستور مكتوب ومرن في نفس الوقت , أي أن أحكامه المكتوبة يمكن تعديلها بتشريعات عادية أي بدون اللجوء  إلى إجراءات خاصة و معقدة .ومن أمثلة الدساتير المكتوبة المرنة الدستور الفرنسي الصادر سنة 1814 و الدستور الفرنسي الصادر سنة 1830. (27)
 الدستور المرن هو الذي يمكن تعديل أحكامه الأساسية بنفس الطريقة التي يعدل بها القانون العادي ، و من بين الدول التي لها دساتير مرنة ’’ نيوزيلندا " منذ 1947 ،  الصين منذ 1975 ، و بريطانيا العظمى .
 وبالنسبة لهذه الأخيرة وفي ظل سيادة البرلمان  ، فإنَ المشرع يستطيع تعديل الدستور أو يتجاهله بمجرد التصويت على قانون يخالف الأحكام الدستورية العرفية  ، أي أنَ للبرلمان من الناحية النظرية على الأقل أن يلغي النظام البرلماني ، أو نظام المجلسين بقانون يصدر بنفس الإجراءات التي يصدر بها قانون يتعلق بالصحة أو بالتعليم . (28)
  وباختصار الدستور المرن هو الذي يتم تعديله بالإجراءات نفسها التي تعدل بها القوانين العادية الصادرة عن السلطة التشريعية .
  و يمتاز الدستور المرن بأنَه يواكب التطور الاجتماعي و السياسي . ومن سلبياته أنَه  لا يحفظ الاستقرار السياسي والمؤسسي ، وقد يصير أداة في يد الأغلبية الحزبية في البرلمان . (29)


------------------------------------------------------------
 (27) عمر حوري ، المرجع نفسه ، ص 49 .
(28) حسني بوديار ، المرجع نفسه ، ص 89 .
(29) اولاد سعيد ، المرجع نفسه ، ص 76 .

خاتمة :

     وفي الأخير يمكن القول أنَ منذ ظهور الدساتير تبين لنا أنَ لكل دولة دستور تعتمده في تسير شؤونها ، وكما رأينا أن الدساتير عند وضعها قد مرة بعدَة طرق منها طرق غير ديمقراطية مثل أسلوب المنحة و العقد ومنها طرق ديمقراطية مثل أسلوب الجمعية التأسيسية و الاستفتاء الشعبي  ، كما لها انواع مختلفة  وتنقسم إلى نوعين ، فهي من حيث الشكل مدونة و عرفية ، من حيث التعديل جامدة و مرنة كما هو موضح بالتفاصيل في البحث الذي تناولناه بخصوص نشوء الدستور و أنواعه .



  قائمة المراجع :



1.      الأمين شريط ، الوجيز في القانون الدستوري والمؤسسات السياسية المقارنة ، ط/5 ،ديوان المطبوعات الجامعية  ، الجزائر 2003 .
2.      حسني  بوديار ، الوجيز في القانون الدستوري ، دار العلوم ،الجزائر 2003 .
3.      أحمد أولاد سعيد ، القانون الدستوري ، ط /1 ، دار صبحي للطباعة و النشر ، الجزائر 2013  .
4.      عمر حوري ، القانون الدستوري ،منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت .
5.      فوزي أوصديق،الوافي في شرح القانون الدستوري. ديوان المطبوعات الجامعية، ج2، ط/1، الجزائر: 1994.
6.      سعيد بو الشعير، القانون الدستوري و النظم السياسية ج1 ، ديوان المطبوعات الجامعية ، ط/8 الجزائر
7.      حسن مصطفى البحري. القانون الدستوري. النظرية العامة منشورة..دمشق 2009 

























































































هناك تعليق واحد:

  1. Casino Web App 2021 - ChoEgoCasino
    GoCasino casino web app review – Check 바카라 out 우리 바카라 our 에그 벳 With this online 토토 사이트 casino, 바카라 사이트 you can play all the best games, including Slots, blackjack, roulette and more.

    ردحذف